أسرار الهوائل
آخر تحديث GMT06:28:45
 العرب اليوم -

أسرار الهوائل

أسرار الهوائل

 العرب اليوم -

أسرار الهوائل

سمير عطا الله

تطلّعت إلى الجمل دوماً كمخلوق عجيب. عندما كنّا صغاراً، كان يبدو لنا مثل جبل صغير يتهادى عالي الرأس، طويل العنق، يسوقه رجل كبير أو فتى صغير. وصرنا نقرأ فيما بعد أنه سفينة الصحراء وأشياء من هذا القبيل. وعندما وصل الازدهار إلى الجزيرة العربية، أصبحنا نشاهد الإبل تتسابق مثل الخيول وتبلغ أثمانها أرقاماً هائلة. لكن أهل الجزيرة وأهل السهول في سوريا والعراق وحتى في لبنان، أفاقوا على الجمال من حولهم أو بينهم. ولم تكن تدهشهم في مسيرها ومناخها كما تدهشنا إذا ما قامت أو ناخت.

لا شبيه لهذا المخلوق في أي من ميزاته التي لا حصر لها. لا الفيل الذي يجاوره في الضخامة، ولا الحصان الذي يفوقه جمالاً وسرعة، ويقلّ عنه صموداً وحمولة وصبراً وجهداً، وربما ولاءً أيضاً. غير أن العجيب في هذين الكائنين الهائلين، الجمل والفيل، هو التشابه في طيبة القلب ومدى الاحتمال. قام الرحّالة السويسري جان لويس بوركهارت أوائل القرن التاسع عشر، برحلات كثيرة في الجزيرة العربية والنوبة والسودان وبعض أفريقيا. وترك للمكتبة الجغرافية والتاريخية بعض أهم الآثار العلمية والإنسانية عن تلك المرحلة. دائماً أعود إلى بوركهارت مثلما إلى غيره من كبار الرحّالة، من أجل متعة القراءة ودهشة المعرفة. وقد أدهشني أن أقرأ ما يلي: «كنّا نعبر الماء من الجزيرة إلى البرّ، فتردى بعيري في الوحل، ولم أستطع إنقاذه إلا بشقّ النفس. وفي استطاعة هذه الإبل أن تسير بخطى ثابتة وسط رمال تعلو إلى ركبها، لكن قليلاً من الوحل يعثّرها».

كل هذا الهيكل الهائل القوة والعظيم المياسم يتعثّر في قليل من الوحل. تذكّرت حكاية رواها لي رجل أعمال لبناني كان يعمل في فرانكفورت. ذات مرة شاهد مجموعة من الحمّالين تدفع إلى طائرة شحن ضخمة بعدد كبير من الصيصان (الكتاكيت). وبكل فضول، حاول أن يعرف ما يجري، فقيل له إن الطائرة تقوم بشحن الأفيال إلى الولايات المتحدة. وبما أنه يستحيل وضعها في أقفاص أو صناديق، كما يستحيل ربطها بالحبال، فإن هناك وسيلة واحدة لتجميدها في مكانها طوال الرحلة وهي وضع الصيصان أمامها لأنها لا يمكن أن تدوسها. حارب الإسكندر الكبير بقوافل كثيرة من الأفيال. وشاركت هذه في كل حروب آسيا وشهدت الساحات مليئة بالجثث وسمعت صرير السيوف وأصوات البنادق. لكن قلبها لا يسمح لها بأن تؤذي صوصاً واحداً. لا يتمتّع أطفال العرب بهذه الحصانة أمام جيوشنا.

 

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أسرار الهوائل أسرار الهوائل



GMT 18:18 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الفرزدق وجرير وأبو تمام

GMT 13:36 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 17:58 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

ما في أنفسهم

GMT 17:56 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

لو فعلها بايدن!

GMT 17:53 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

ماذا وراء إعادة صياغة اتهامات ترمب؟

GMT 10:58 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو الثلاثاء 6 أكتوبر/تشرين الأول 2020

GMT 11:03 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحوت الثلاثاء 6 أكتوبر/تشرين الأول 2020

GMT 14:09 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

تبدأ بالاستمتاع بشؤون صغيرة لم تلحظها في السابق

GMT 10:54 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 13:42 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 10:11 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 09:35 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الأربعاء 7 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 10:58 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تجد نفسك أمام مشكلات مهنية مستجدة

GMT 15:56 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 12:44 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تنفرج السماء لتظهر الحلول والتسويات

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 13:28 2020 السبت ,02 أيار / مايو

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24