ممثلون بوجوه حقيقية
آخر تحديث GMT04:43:57
 العرب اليوم -

ممثلون بوجوه حقيقية

ممثلون بوجوه حقيقية

 العرب اليوم -

ممثلون بوجوه حقيقية

سمير عطا الله

كان الفنّ في الماضي مهنة الصيّاع والذين لا عمل لهم، بل كان حرفة معيبة لا يقربها أبناء العائلات أو أهل الطبقة الوسطى. ولذا، عندما قرّر يوسف وهبي الصعود إلى المسرح، أنكره والده صاحب المزارع الكبرى وحرمه من لقب البيك، الذي عاد فاستعاده يوم أصبح كبير النجوم في مصر. وعندما ازدهرت الفنون في أنحاء العالم العربي، أصبحنا نرى الأطباء والأساتذة الجامعيين يتركون خلفهم الشهادات العليا لكي ينصرفوا إلى الأعمال الفنية.

هكذا كان الوضع في لبنان إلى حدّ بعيد. لكن المسرح ما لبث أن أصبح له أساتذته وتلامذته. ومع فيروز والرحابنة والممثلين القادمين من معاهد باريس ولندن، مثل نضال الأشقر ومنير أبو دبس وروجيه عساف، أصبح المسرح مهنة المتخرّجين والمحترفين. ولم يعد الممثل على هامش المجتمع أو هامش السياسة، بل أصبح وجهاً من وجوه العمل الاجتماعي والحياة الوطنية. إلا أن هذا الدور لم يبرز كما حدث في الآونة الأخيرة التي هي في نظر كثيرين أول ثورة من نوعها في تاريخ لبنان.

تقدّم الفنانون المظاهرات والاعتصامات في كل مكان. وحلّوا ضيوفاً على البرامج السياسية مكان المحللين والناشطين وأصحاب الأسماء المعروفة في هذا المجال. أصغيت إلى أسامة الرحباني فوجدته مثل أبيه منخرطاً في قضايا الناس وعارفاً بآلامها - ومثل أبيه أيضاً - مترفّعاً عن التزلّم السياسي وغير مخدوع بالإيهام والأوهام السخيفة. استغرق الحوار السياسي مع ممثل لم أسمع اسمه من قبل، يُدعى وسام حنا أكثر من ساعة. وعرفت من التقديم أن هذا الشاب الوسيم قادم من كلية الحقوق. لكنه أشعرني بالخجل بسبب شغفه الوطني والإنساني. وأشعرني بمزيد من الخجل بمعرفته الوسيعة في قضايا البلد، وقدرته الفائقة على الجدل والدفاع عن قضاياه. وفي هذا الشكل الجديد للثورة والفكر في لبنان، عرفت أيضاً أن وسام حنا كان قد قاد المظاهرات على دراجته النارية، ينظّم ذلك الخط البشري الذي امتدّ من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب.

أسماء كثيرة ووجوه كثيرة لست أعرف معظمها مع الأسف، لكنني عرفت في الأسابيع الأخيرة التي تسمَّرنا خلالها جميعاً أمام التلفزيونات، أن ثمّة جيلاً يُرتجى في كل الحقول.
في مقابلة مع كلوديا مرشيليان، أشهر كتّاب المسلسلات التلفزيونية، قالت إن الناس في الشوارع ليسوا من أجل المطالب بل من أجل الحقوق. وفي اليوم التالي، تحوّل هذا الكلام إلى شعار للحراك يتحدّث به المتظاهرون في جميع الساحات. لقد غاب السياسيون، أو مُنعوا من المشاركة في هذا التعبير الجماعي الذي لا مثيل له. وتخلّف الشعراء والمثقّفون لأنهم وجدوا فيما يحدث حركة أكبر منهم. وهكذا ظلّ الوجه الفنّي حاضراً وطاغياً، وقبل أي شيء؛ صادقاً، عفوياً، طاهراً كلّياً من أي جهد تمثيلي.

 

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ممثلون بوجوه حقيقية ممثلون بوجوه حقيقية



GMT 18:18 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الفرزدق وجرير وأبو تمام

GMT 13:36 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 17:58 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

ما في أنفسهم

GMT 17:56 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

لو فعلها بايدن!

GMT 17:53 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

ماذا وراء إعادة صياغة اتهامات ترمب؟

GMT 14:52 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

تنشغل بعمل في اليوم الأول وتضع مخططات وتوجه الآخرين

GMT 12:00 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبشرك هذا اليوم بأخبار مفرحة ومفيدة جداً

GMT 16:14 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 09:54 2019 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حذرة خلال هذا الشهر

GMT 12:14 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالإرهاق وكل ما تفعله سيكون تحت الأضواء

GMT 16:57 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أفضل مناطق الجذب السياحي لقضاء عطلة بداية العام الجديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24