هل يعيش حِلف النّاتو “مَوتًا سَريريًّا” كما قال ماكرون ويُواجه “الانقِراض” مِثلما تنبّأ بومبيو
آخر تحديث GMT04:43:57
 العرب اليوم -

هل يعيش حِلف النّاتو “مَوتًا سَريريًّا” كما قال ماكرون ويُواجه “الانقِراض” مِثلما تنبّأ بومبيو

هل يعيش حِلف النّاتو “مَوتًا سَريريًّا” كما قال ماكرون ويُواجه “الانقِراض” مِثلما تنبّأ بومبيو

 العرب اليوم -

هل يعيش حِلف النّاتو “مَوتًا سَريريًّا” كما قال ماكرون ويُواجه “الانقِراض” مِثلما تنبّأ بومبيو

عبد الباري عطوان

تصريحان خطيران صدَرا في غُضون اليَومين الماضيين يتنبّأ كُل مُنهما بمُستقبلٍ قاتمٍ لحِلف شِمال الأطلسي (الناتو)، والسّبب التدخّل التركيّ في سورية، وسَحب القوّات الأمريكيّة من بعض نُقاط المُراقبة في شِمالها، وظُهور الصّين كقوّةٍ عُظمى من المُمكن أن تحِل محَل الولايات المتحدة في غُضونِ سنواتٍ مَعدودةٍ.

التّصريح الأوّل جاء على لِسان إيمانويل ماكرون، الرئيس الفرنسي في مُقابلةٍ نادرةٍ مع مجلّة “الإيكونوميست” العريقة، قال فيها “إنّ حِلف النّاتو يعيش حاليًّا حالة موت دِماغي سريري، ولم يعُد قادِرًا على السّيطرة وضبط أعضائه.

أمّا التّصريح الثّاني الذي لا يقل سوداويّةً فوَرَد على لِسان مايك بومبيو، وزير الخارجيّة الأمريكي، أثناء مُشاركته في ذِكرى مُرور 30 عامًا على سُقوط سور برلين، وانهيار الاتّحاد السوفيتي وكُتلته الاشتراكيّة، عِندما قال “حلف النّاتو عفَا عليه الزّمن، ويُواجه الانقراض، ولا بُد من مُشاركةٍ أوروبيّةٍ جديّة في تحمّل عِبء تمويل الحِلف ونفقاته العسكريّة”.
***

انهيار المشروع الأمريكي الأوروبي، وتفاقم الخِلافات بين أعضاء حلف الناتو حول التدخّل العسكري التركي الأخير في شِمال تركيا، بين مُؤيّدٍ ومُعارض، وإقدام الرئيس رجب طيّب أردوغان على شِراء منظومات صواريخ دفاعيّة روسيّة “إس 400” تتعارض مع منظومات التّسليح الأوروبيّة الأمريكيّة، ودون أيّ اعتبار لرفض قيادة الحِلف، كلها عوامل أدّت إلى حالة الفوضى الرّاهنة التي ربّما تُعجِّل بانفِراط هذا الحِلف على غِرار ما حدث مع نظيره حلف “وارسو”، ولا نعتقد أنّ قمّة حِلف شِمال الأطلسي التي ستُعقَد في لندن أوائل كانون أوّل (ديسمبر) المُقبل ستَمنع هذا الانهيار.

وصول الرئيس دونالد ترامب إلى قمّة القرار في واشنطن، وتعاطيه المُتعجرف مع شُركاء بلاده الأوروبيين، وابتعاده كُلِّيًّا عنهم لمصلحة التّركيز على مِنطقة شرق آسيا تِجاريًّا واستراتيجيًّا، هو الذي يَقِف خلف التوجّه الجديد المُقترح من قِبَل الرئيس ماكرون بإقامة شراكة استراتيجيّة مع روسيا، ونِظام دفاعي أوروبي مُستقل عن الولايات المتحدة.
حِلف النّاتو واجه أزمات خطيرة مُماثلة هدّدت وحدته وتماسكه في الماضي، ومن المُفارقة أنّ تركيا كانت وراء أبرزها، أثناء غزو قوّاتها لقبرص عام 1974 وتقسيمها وإنشاء دولة قبرص التركيّة، الأمر الذي دفع الولايات المتحدة إلى فرض حظر على بيع الأسلحة لها استمرّ ثلاث سنوات، وهو ما تفعله حاليًّا كُل من ألمانيا وفرنسا احتجاجًا على اجتياح قوّاتها لشِمال سورية ومُحاولة إقامة مِنطقة آمنة فيها بعُمق ثلاثين وطُول 500 كيلومتر لتحييد الخطر الإرهابي الكردي، وإبعاده عن الحُدود مثلما تقول الأدبيّات التركيّة.
السُّؤال الذي طرَحه الرئيس ماكرون في المُقابلة نفسها وتساءل فيه “ماذا سيحل بالمادة الخامِسة من ميثاق حلف النّاتو إذا قرّر الرئيس بشار الأسد الرّد على هذا التدخّل العسكريّ التركيّ بالأسلوبِ نفسه، فهل سيَقِف حِلف النّاتو في خندق تركيا العُضو فيه في هذه الحالة تَطبيقًا للمادّة نفسها”.
***
الرئيس ماكرون لم يُجِب عن هذا السّؤال لأنّه يعرِف جيّدًا أنّ الحِلف الذي خذَل تركيا، ولم يهرع لنَجدَتِها عندما كانت على حافّة المُواجهة العسكريّة مع موسكو عندما أسقطت إحدى طائراتها قُرب الحُدود السوريّة عام 2015، مما اضطرّ الرئيس أردوغان على الذّهاب إلى الرئيس بوتين مُعتذرًا، ومُوقّعًا اتِّفاقًا عَسكريًّا معه لشراء منظومة الصّواريخ المذكورة آنفًا، وإنشاء خط أنابيب “ترك ستريم” للغاز، وزيادة التّبادل التجاري بين البلدين إلى أكثر من 100 مليار دولار، مُديرًا ظهره كُلِّيًّا للحِلف الذي كانت بلاده أحد أبرز مُؤسّسيه، ومُهدِّدًا بإرسال مِئات الآلاف من اللّاجئين السوريين وغيرهم إلى أوروبا.

أزمة حِلف “الناتو” ستتفاقم حتمًا، والانهيار هو الاحتمال شِبه المُؤكّد في نِهاية المطاف، وانضمام دولتين فقط عُضوين فيه إلى التّحالف البحريّ الذي دعت إليه الولايات المتحدة لحماية المِلاحة في الخليج، (بريطانيا وأستراليا) أحد أبرز الأدلّة في هذا الصّدد.

باختصارٍ شديد يُمكن القول إنّها اللّعنة المُزدوجة السوريّة الليبيّة التي تُطارد هذا الحِلف الاستعماري، وتبذر بذور انهياره التي تنمو بسُرعةٍ غير مسبوقة، ولا أسَف عليه في جميع الأحوال لأنّ تاريخه حافِلٌ بسَفك الدّماء العربيّة والإسلاميّة، سواءً في العِراق وأفغانستان، أو في سورية وليبيا.

 

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل يعيش حِلف النّاتو “مَوتًا سَريريًّا” كما قال ماكرون ويُواجه “الانقِراض” مِثلما تنبّأ بومبيو هل يعيش حِلف النّاتو “مَوتًا سَريريًّا” كما قال ماكرون ويُواجه “الانقِراض” مِثلما تنبّأ بومبيو



GMT 18:18 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الفرزدق وجرير وأبو تمام

GMT 13:36 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 17:58 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

ما في أنفسهم

GMT 17:56 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

لو فعلها بايدن!

GMT 17:53 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

ماذا وراء إعادة صياغة اتهامات ترمب؟

GMT 10:07 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب الإثنين 6 أكتوبر/تشرين الأول 2020

GMT 06:16 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

ضغوط مختلفة تؤثر على معنوياتك أو حماستك

GMT 11:03 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحوت الثلاثاء 6 أكتوبر/تشرين الأول 2020

GMT 11:28 2019 الثلاثاء ,02 تموز / يوليو

تنتظرك أمور حزينة خلال هذا الشهر

GMT 06:31 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

تنعم بأجواء ايجابية خلال الشهر

GMT 15:56 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 16:42 2020 الأحد ,01 آذار/ مارس

التصرف بطريقة عشوائية لن يكون سهلاً

GMT 08:56 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تتهرب من تحمل المسؤولية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24