مقاعد المتفرجين
آخر تحديث GMT04:43:57
 العرب اليوم -

مقاعد المتفرجين

مقاعد المتفرجين

 العرب اليوم -

مقاعد المتفرجين

بقلم - عمرو الشوبكي

باتت الفرجة مشهدا سائدا على المستويين الاجتماعى والسياسى، فستجد كثيراً من الناس يحدثونك بحماس وانشغال دائم عن المؤامرات الكونية على مصر وحرص الغرب والشرق على إسقاط دولتها، وحولوا الخرافة والخزعبلات إلى بطولات، وأغانى الشرف والشهداء إلى ابتذال ونفاق، ولم يتحمسوا لمواجهة أكوام القمامة المحيطة بمساكنهم أو فى مناطقهم، وينسوا أو يتناسوا أن تحسين أوضاعهم وأوضاع البلاد سيكون بالفعل الإيجابى ولو اجتماعيا بدلا من ترديد الخرافة والكلام الفارغ.

لم يعد هناك أى اهتمام يُذكر بأى قضايا ضمير تدفع المجتمع للانتفاض والتعبير عن رأيه فى جرائم عنف، مثلاً (مقتل الطفل يوسف العام الماضى فى مدينة 6 أكتوبر برصاص طائش دون أى رد فعل إلا من أهله والمقربين)، أو فى مواجهة «دعوة تليفزيونية» من محامٍ لاغتصاب أى فتاة ترتدى «بنطلون مقطع» واعتبر ذلك الفعل المشين «واجبا وطنيا»، ولم يحاسبه أحد لأنه من المحصنين!!.

أما الفرجة السياسية فقد صارت نمط حياة لكثيرين، المؤيدين والمعارضين، ففى الخارج أصبح العالم وأصبحنا معه نتفرج على ما يجرى فى فلسطين، سقوط ما يقرب من 30 شهيدا فلسطينيا برصاص جنود الاحتلال فى أقل من شهر لأنهم تظاهروا بشكل سلمى على الحدود الإسرائيلية، وبدا الأمر «عاديا»، واعتبر بعضنا أن التنسيق الأمنى مع إسرائيل مبرر لعدم إدانة جرائمها ضد حقوق الشعب الفلسطينى الأعزل والبطل.

أما فى الداخل فانتشرت ظاهرة الشعب المتفرج الذى انتقل قطاع واسع منه إلى مقاعد المتفرجين المريحة وترك الاشتباك فى الملعب الذى لا يعنى كما تصور البعض عقب ثورة يناير الاحتجاج والتظاهر اليومى، إنما يعنى الفعل الإيجابى والمشاركة والضغط ولو بخلق رأى عام مهتم بالشأن العام.

المؤكد أن قطاعا واسعا من المجتمع المصرى لم تعد تشغل باله قضايا التغيير والإصلاح السياسى وحرية الصحافة، والتى بدت ترفا بالنسبة للبعض، أو ليست أولوية بالنسبة للبعض الآخر فى ظل مشاكل الحياة اليومية، دون أن ننسى وجود قلة مؤثرة (نحمد الله أنها أصبحت قلة) ترى أن مبادئ الديمقراطية تضعف الدولة وتهددها ولا داعى لها، إما لأن بعض من فى الحكم يقولون ذلك أو لأن الشعب (الذى هم جزء منه) يُعتبر غير مهيأ للديمقراطية.

التيار الغالب من الشعب المصرى جلس فى مقاعد المتفرجين يشاهد ويترقب، وتحول جزء من المؤيدين عن قناعة وعقل إلى متفرجين أيضا أو «مؤيدين من منازلهم»، فى حين ابتعد الجزء الآخر عن الاهتمام بالمشاركة السياسية بكل صورها.

قد يرى البعض أن الجلوس فى مقاعد المتفرجين تم بفعل فاعل (أى السلطة السياسية)، فى حين أن القضية لم تعد فى الأسباب ومن المسؤول، إنما فى تحليل الواقع ومعرفة تداعياته ومستقبله، فإذا كانت غالبية الناس اختارت أن تتفرج وتترقب يبقى السؤال: ما هى نتائج هذا الاختيار؟ وهل يمكن اعتباره انتصارا للدولة، أم أن التفاعلات والصراعات غير المرئية التى تجرى فى المجتمع، ولن يكون أبطالها سياسيين أو صحفيين أو إصلاحيين (قد نتمنى وجودهم)، عادة ما تكون غير متوقعة وأكثر خطورة من المعلنة والشفافة؟

المصدر:جريدة المصري اليوم

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مقاعد المتفرجين مقاعد المتفرجين



GMT 20:37 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

المتظاهرون يريدون عراقا عادلا ووطنا قويا ناهضا

GMT 13:35 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس العراقي في الرياض

GMT 13:33 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

لا أمل ولا سلام بدون أُفق سياسي للقضية الفلسطينية

GMT 13:30 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

من مفكرة الأسبوع

GMT 13:27 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن نبدأ: فصل جديد في جريمة خاشقجي

GMT 10:51 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجدي الإثنين 6 أكتوبر/تشرين الأول 202

GMT 10:58 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو الثلاثاء 6 أكتوبر/تشرين الأول 2020

GMT 12:52 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الوضع مناسبٌ تماماً لإثبات حضورك ونفوذك

GMT 10:40 2019 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

تشعر بالانسجام مع نفسك ومع محيطك المهني

GMT 07:28 2019 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

بعد احتجاز دام أسبوعان إيران تفرج عن الصحفية الروسية

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 07:47 2018 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

بريطانية تكشف أهمّ ملامح رحلتها السياحية إلى مصر

GMT 09:09 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنى أحمد تكشف أهمية "الباكوا" في ضبط طاقة المكان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24