دمشق ـ سورية 24
جسدت الجدة "أم شحاذة" "دمعة العبد الله" ذات الـ 93 عامًا قصة من قصص صمود الإنسان السوري وتشبثه بالأرض وإصراره على العمل والحياة، لتربط بين ذكريات الماضي وتفاصيل الحاضر المعاش.
وبدأت "أم شحاذة" التي خطت السنون أثرها على وجهها الممتلىء بالتجاعيد بعد أن عارك غبار الزمن الصعب، تروي ضمن منزل ولدها الوحيد "شحاذة سليم البني" في بلدة الكفر بالسويداء تفاصيل دقيقة عن محطات حياتها المليئة بالكثير من الذكريات بحلوها ومرها.
حيوية ونشاط وحب العمل
وتحتفظ "أم شحاذة" رغم عمرها بحيوية ونشاط وحب متأصل إلى العمل والعطاء فترى يديها المحملتين بأثقال الحياة ما زالتا تبرعان في فن الحياكة بالسنارة وصناعة القش رغم ما تتطلبانه من دقة وصبر ورؤية جيدة.
وتعكس القدرة والجلادة على العمل والروح الجميلة لدى "أم شحاذة"، رحلة معاناتها التي بدأت منذ نعومة أظفارها مع وفاة والدها، وهي بعمر ثلاث سنوات في قرية "العانات" لتجد نفسها خلال ترعرعها في ظروف صعبة مضطرة إلى العمل في الأرض والزراعة وتربية الحيوانات في سبيل لقمة العيش.
ولم تعرف "أم شحاذة" على الرغم من زواجها وانتقالها إلى "بلدة الكفر" قبل أكثر من ستين عامًا -على حد قولها، الراحة فهي اضطرت إلى تربية أبناء شقيقها بعد طلاقه لزوجته إضافة إلى معاناتها من وفاة سبعة من أبنائها بعد أن تمضي أيام على ولادتهم ليرزقها الله فيما بعد بولدها "شحاذة" الذي أدخل السرور إلى قلبها.
وتلونت فرحة الجدة "أم شحاذة" لاحقًا بغصة، عقب وفاة زوجها، حيث حرصت على مواصلة العمل بأرضه بين بساتين التفاح والكرمة محتضنة ولدها الوحيد الذي كان طفلا ليصبح اليوم "أبو عمر" رجلا تجاوز عمره الخمسين عاما وأنجب لها خمسة أحفاد جلهم في المدارس والجامعات يزينون بيت أسرتهم العامر في "الكفر".
وما زالت "أم شحاذة" مصرة على محو قسوة الحياة وهي تقص ذكريات جميلة رافقت عمليات الزراعة والحراثة والحصاد وجني الغلال وقطاف التفاح ورعي المواشي وحلب الأبقار والماعز وخلافا لما هو معروف عن علاقة الكنة بحماتها تقول أم عمر "لينا البني" عن جدة أولادها "إنها بركة في بيتنا وأخت الرجال نستمد منها العزيمة والقوة"، منوهة بما تتمتع به من صحة جيدة دون أي أمراض لديها باستثناء ضعف بسيط بالسمع مع إشارتها إلى اعتمادها على الطعام الصحي كالبرغل واللبن والسمن العربي والزبيب والدبس.
قالوا عنها
وأضافت البني أن حماتها ما زالت تحرص حتى الآن على مشاركة الناس في الأفراح والأتراح فضلا أنها مازالت تجيد صناعة القش والحياكة حيث حاكت شرشفا صوفيا لحفيدها عمر الذي تزوج قبل أشهر كما شاركت العائلة بجني محصول التفاح الموسم الماضي.
ودفعت مميزات "أم شحاذة" جارتها "أمينة نكد" 67 عاما التي تعرفها منذ 50 عاما لتصفها بأنها أم الكل مبدية إعجابها بهذه المرأة التي كافحت كثيرا في حياتها وتحملت مصاعب عديدة وتركت أثرًا طيبًا لدى أبناء بلدتها.
أرسل تعليقك