الحرب التي لم تقع
آخر تحديث GMT06:28:45
 العرب اليوم -

الحرب التي لم تقع

الحرب التي لم تقع

 العرب اليوم -

الحرب التي لم تقع

بقلم - عريب الرنتاوي

 كان يمكن لليوم السبت، الثاني والعشرين من حزيران/يونيو، أن يكون اليوم الثالث للحرب الخليجية الرابعة ... لكن ذلك لم يحدث، والسبب أن الرئيس الأمريكي عدل عن قراره في ربع الساعة الأخير، وألغى أمر العمليات العسكرية الانتقامية ضد إيران أو أرجأه ... البعض يعزو ذلك إلى «تردد» الرئيس وانتفاء الرغبة في خوض غمار حرب شاملة سيما وأنه بالكاد، انتهى من تدشين حملته الانتخابية الرئاسية الثانية ... البعض رد المسألة إلى تقديرات عسكرية (البنتاغون) أسهمت في تبريد «الرؤوس الحامية» في البيت الأبيض ووزارة الخارجية.

أيا يكن من أمر، فإن دلالة المواجهة الإيرانية – الأمريكية في الساعات الثماني والأربعين الفائتة تشير إلى أمرين اثنين: الأول؛ أن «صبر إيران الاستراتيجي» بدأ بالنفاد، وهي قررت على ما يبدو استخدام «القوة المضبوطة» للخروج من طوق الحصار والعقوبات الأمريكية الذي يتلف حول عنقها بإحكام ... والثاني؛ أن استراتيجية واشنطن الهادفة «جلب إيران على ركبتيها» إلى مائدة المفاوضات، قد وصلت طريقاً مسدوداً، ورهانات واشنطن على تركيع إيران وفرض شروط بومبيو الاثنتي عشرة عليها، لم تكن في محلها.

قبل يومين، وفي كلمة أمام منتدى أمن الطاقة في الجامعة الأردنية، قلت إن إيران تسير على مسارات ثلاث متوازية لتكسير أطواق العزلة التي تحاصرها: (1) حرب الناقلات التي بدأت في الفجيرة ولن تنتهي بضرب الناقلتين على مقربة من المياه الإقليمية الإيرانية .... (2) حرب الأشباح والطائرات المسيّرة التي تقترب من أهداف أمريكية في العراق (السفارة في بغداد وديكسون موبيل في البصرة)، فضلاً عن حرب المطارات التي يخوضها «أنصار الله» في العمق السعودي، واستنساخ نظرية «ما بعد تل أبيب» في غزة ... (3) الانسحاب المتدرج من الاتفاق النووي بعد انتهاء مهلة الستين يوماً التي منحتها طهران لبروكسيل.

إيران تقترب بحذر وعلى نحو محسوب من «خيار شمشون»: هدم المعبد على رؤوس الجميع، ولهذه المقاربة عدة معاني وتداعيات: (1) إن لم ننجح في تصدير نفطنا فلن يصدره أحد ... (2) الحرب إن اندلعت ضد إيران فلن تقتصر على حدودها بل ستطاول الإقليم برمته ... (3) إن لم تجن إيران ثمار الاتفاق النووي، فليذهب هذا الاتفاق إلى الجحيم.

حين تقرر واشنطن «خنق» ثمانين مليون إيراني بنظام العقوبات غير المسبوق، فمعنى ذلك أن الحرب الفعلية على إيران قد اندلعت منذ ان انسحبت واشنطن من الاتفاق النووي ومن جانب واحد، وبدأت فرض عقوبات أحادية صارمة على طهران ... هذا إعلان حرب، ولا تفسير له بخلاف ذلك ... ومن حق إيران أن ترد ذلك بكل ما تمتلك من أدوات قوة وضغط ... وحين تتساوق دول إقليمية مع قرع طبول حرب خليجية رابعة، فإن الخيار الوحيد المتبقي أمام طهران، هو البرهنة على أن نيران الحرب لن تحرق أصابعها لوحدها، بل ستحرق أصابع جميع الأطراف، بمن فيها الولايات المتحدة وحلفاؤها.

إسقاط «الدرون» الأمريكية بصواريخ الحرس الثوري، وخارج الأجواء الإيرانية على ما يبدو، هو أقوى رسالة تبعث بها طهران إلى واشنطن، وما لم تتمكن واشنطن من تنفيذ رد فعل انتقامي على الخطوة الإيرانية «الحمقاء» و»غير المصدقة» كما وصفها ترامب، فإن هيبة ومكانة الدولة الأعظم ستكون في الميزان، وستصل الرسالة مدوية إلى حلفاء واشنطن في المنطقة، بالذات إسرائيل، التي لم تدخر وسعاً لمنع إدارة أوباما توقيع الاتفاق النووي في العام 2015، ولم تبق وسيلة دون أن تستخدمها لتحريض إدارة ترامب لخوض حرب على إيران، تأتي على الأخضر واليابس في العامين الفائتين.

ما زلنا على غير بينة من الكيفية التي ستنتهي إليها هذه الجولة التصعيدية، وما إن كان الرئيس الأمريكي قد أرجأ أو ألغى قرار «الضربة التالية» ... بيد أننا لا نستبعد أن يكون هذا التصعيد غير المسبوق، سبباً في تحريك الوساطات والوسطاء، ووسيلة لإنضاج «صفقة سياسية» تحفظ للأطراف ماء وجهها، وتكفل لها الحد الأدنى من مصالحها، بعيداً عن شروط بومبيو الاثني عشر، وبعيداً كذلك عن شرط إيران المسبق بعودة إدارة ترامب للالتزام بالاتفاق النووي المغدور ... قبول إيران بشروط بومبيو هو قرار بالانتحار، وقبول ترامب بشرط إيران هو نهاية «النزعة الإمبراطورية» الأمريكية ... كلا الخيارين غير ممكنين، لذا يبدو البحث عن «خيار ثالث» هو طريق الدبلوماسية والوسطاء الذين يتناسلون بغزارة، من موسكو وطوكيو إلى مسقط وبغداد، مروراً بباريس وبرلين.

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحرب التي لم تقع الحرب التي لم تقع



GMT 15:47 2020 السبت ,11 تموز / يوليو

اسرائيل تعاني ونتانياهو يعتمد على اليمين

GMT 17:16 2020 الخميس ,09 تموز / يوليو

الكونغرس لا يريد بيع السلاح الى العرب

GMT 16:25 2020 الثلاثاء ,07 تموز / يوليو

أخبار من السعودية والولايات المتحدة وأوروبا

GMT 13:15 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

معارضة عزم اسرائيل ضم الضفة الغربية

GMT 15:24 2020 السبت ,20 حزيران / يونيو

كتاب ومقال أعرضهما على القراء

GMT 16:12 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 09:13 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

أترك قلبك وعينك مفتوحين على الاحتمالات

GMT 10:45 2019 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

أنت مدعو إلى الهدوء لأن الحظ يعطيك فرصة جديدة

GMT 14:05 2020 السبت ,02 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 15:15 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

2- اجواء متقلبة في الجزء الأول من الشهر

GMT 16:00 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

وزراء المال الأوروبيون يناقشون موازنة إيطاليا

GMT 06:47 2019 الأربعاء ,17 تموز / يوليو

شعبة شركات الأمن والحراسة تشكيل لجان نوعية

GMT 09:10 2019 السبت ,09 آذار/ مارس

9 مارس 1919

GMT 09:57 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

التحالف الدولي يكشف عن عدد عناصر تنظيم "داعش" في هجين السورية

GMT 09:02 2018 الأربعاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

خُبراء يكشفون عن أفضل عُمر لتعلُّم وإتقان اللغات الأجنبية

GMT 06:24 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

راغب علامة يصور كليبًا جديدًا في مدينة كييف

GMT 20:30 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

"سوق السفر العالمي" ينطلق افتراضيًا في تشرين الثاني 2020

GMT 13:35 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تجنّب أيّ فوضى وبلبلة في محيطك

GMT 03:36 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

"البنتاغون" يؤكد أن جثة أبوبكر البغدادي ألقيت في البحر
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24