لحم مغلف بسيلوفان الفتاوى
آخر تحديث GMT06:28:45
 العرب اليوم -

لحم مغلف بسيلوفان الفتاوى

لحم مغلف بسيلوفان الفتاوى

 العرب اليوم -

لحم مغلف بسيلوفان الفتاوى

سحر الجعارة
بقلم - سحر الجعارة

طفلة لم يكتمل وعيها بعد لتعرف معنى كلمة «زواج»، لكل الأهالى يتطوعون بتقديم الرشاوى المبهجة: (الشبكة والجهاز والفستان الأبيض... إلخ).. يعدون الذبيحة لكى تتجرد من ملابسها أمام وحش بشرى، تفاصيل جسده تنذر باقتحامها، ليطفئ شهوته باغتيال طفولتها، لينطفئ معها ذلك البريق الذى يشع ذكاءً وبراءة من عيون طفلة تسأل: متى فُتحت أسواق النخاسة فى بلادى؟!.

تدرك الطفلة أن الخنجر المغروس فى رحمها لن ينزعه إلا موتها بحمل مبكر، لأن جهازها التناسلى لم يكتمل نموه.. أو أنها ستعود ذليله إلى بيت أبيها مجردة من الرشاوى، وعلى كتفها طفل يصرخ لتدخل بعدها دوامة الزواج الثانى لمن يقبل «طفلة مطلقة» ويربى وليدها!. هل هذا ما يفرضه علينا الشرع فعلا؟.. لقد تعثر صدور قانون «حظر زواج الأطفال» فى مجلس النواب، ما بين معارضة حزب «النور» وانتظار رأى الأزهر، حتى أصبح مشروع القانون مجرد فكرة نحلم بتحقيقها لغلق أسواق النخاسة فكانت إحدى مواده تنص على أن: (يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة كل من زوّج أو شارك فى زواج طفل أو طفلة لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره وقت الزواج ويعاقب بذات العقوبة كل شخص حرر عقد زواج وهو يعلم أن أحد طرفيه لم يبلغ السن المحددة فى القانون ولا تسقط هذه الجريمة بالتقادم).

كان مشروع القانون مشفوعا بموافقة مجمع البحوث الإسلامية على التعديلات، بحسب ما قاله المستشار «بهاء أبوشقة»، رئيس اللجنة التشريعية فى البرلمان لكنه لايزال حبيس الأدراج.. فما هو القانون الذى يشرعن الاتجار بالأطفال الآن؟.

نحن نسير على منهج «ابن تيمية» الذى يرى جواز إجبار الصغيرة البكر غير البالغ على الزواج دون استئذانها. وكذلك رأى جمهور العلماء «المذاهب الأربعة»، والتى تجيز عقد النكاح «الزواج» دون التقيد بسن محددة حتى الرضيعة.. لكن الخلاف فى موعد الوطء أو المباشرة (الجماع) وتمكين الفحل من الطفلة!. عند المالكية والشافعية لا تسلم الصغيرة للزوج حتى تكبر حتى التاسعة، وإذا كانت تتحمل الوطء أقل من ذلك فلا مانع!!. وحتى لا ندخل فى جدل دينى لا ينتهى إلا بدعاوى «الحسبة» والرمى بالكفر والزندقة، فإن القانون المصرى رقم ٦٤ لسنة ٢٠١٠ ينص على اعتبار «الزواج المبكر» حالة من حالات «الاتجار بالبشر» تصل عقوبتها للمؤبد وغرامة ١٠٠ ألف جنيه على كل من المسؤول المباشر عن تزويج الفتيات الصغيرات.. ورغم ذلك فلا أحد يعاقب أو يلام.. ولا نفكر فى تطبيق هذه المادة لردع المتاجرين بلحم بناتنا؟.

قارن هذا القانون بالواقع الذى يقول إن لدينا قرية بالكامل يتم بيع فتياتها للأثرياء العرب «الزواج السياحى».. ويتقاضى «ولىّ الأمر» ثمن بكارة ابنته، ويبيع شرفه فى «سوق نخاسة مودرن».. ثم ينتهى الصيف، وتعود الصبية باردة، فى بطنها «نطفة» من أب لا تعرف عنوانه، فإما أن تلد البنت أحد «أطفال الشوارع»، أو تكتمل الجريمة حين يُكتب الطفل باسم والدها، وهو خلط واضح للأنساب!.

جريمة الاتجار بالبشر لا تسقط بالتقادم لأنها «جريمة ضد الإنسانية»، وحتى بدون القوانين الوضعية فإن الاتفاقية الخاصة بمنع الرق التى وُقّعت فى جنيف فى سبتمبر ١٩٢٦، وضعت الضمانات الكاملة للقضاء الكامل على الرق بجميع صوره وعلى الاتجار بالرقيق، كفيلة وحدها بمواجهة «زواج الأطفال» الذى أصبح يتم الآن تحت مسمى «على السُّنة» بديلاً للعرفى «سيئ السمعة»!.

تخيل أنك تواجه تراثا ملغما بفتاوى شاذه غريبة، تروج لها عصابة من «فقهاء الجنس»، ويحرضون الشباب على هتك أعراض الأطفال، ويبررون للمهووسين جنسياً ممارسة البيدوفليا (pedophilia).. أى التمتع الجنسى بالأطفال.

وليس لديك أدوات لمواجهة عصابة «الإتجار بالبشر» إلا خط نجدة الطفل التابع للمجلس القومى للأمومة والطفولة، والذى منع مهزلة زواج طفلة (15) عاماً من طفل (17) عامًا سبق له الزواج من طفلة أخرى لم تبلغ السن القانونية، وذلك منذ عام وأنجب منها طفلًا، ولم يستخرج شهادة ميلاد له حتى الآن، وطرد زوجته «الطفلة» من مسكنه وأخذ الطفل (!!).

لقد أحكمت «العادات والتقاليد» ربط المشنقة حول رقبة الطفلة، ليستمتع «مراهق» عابث بطفلة تلو أخرى.. أصبحت مجرد سلعة مغلفة بسيلوفان الفتاوى!!.

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لحم مغلف بسيلوفان الفتاوى لحم مغلف بسيلوفان الفتاوى



GMT 17:14 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

مئويتان

GMT 18:18 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الفرزدق وجرير وأبو تمام

GMT 13:36 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 17:58 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

ما في أنفسهم

GMT 15:42 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 10:40 2018 الإثنين ,12 آذار/ مارس

" الرجاء وجمعية الحليب استحواذ وليس اندماج "

GMT 13:02 2019 الخميس ,21 آذار/ مارس

مقتل 10 بانفجار مصنع في العين السخنة

GMT 22:13 2019 الأربعاء ,10 إبريل / نيسان

الشباب يختتم تحضيراته لمواجهة الباطن في الدوري

GMT 15:12 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

بيع 23 ألف تذكرة عبر منصة "مكاني" لديربي جدة

GMT 18:12 2021 الأربعاء ,17 شباط / فبراير

مشكلة ارتفاع درجة حرارة محرك السيارة

GMT 13:14 2021 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

كورونا يحرم بايدن من الموكب الرئاسي المهيب في يوم التنصيب

GMT 10:46 2020 الخميس ,10 كانون الأول / ديسمبر

حسين الجسمي يُعلِّق على نجاح "بالبنط العريض"

GMT 13:52 2020 الإثنين ,13 إبريل / نيسان

بعض الشعر الجميل

GMT 16:31 2020 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

دانييلي دي روسي يعلن اعتزاله كرة القدم

GMT 12:54 2020 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

وصفة طاجن "البامية" على الطريقة التركي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24