روسيا ورقة إيرانية… في سوريا
آخر تحديث GMT04:43:57
 العرب اليوم -

روسيا ورقة إيرانية… في سوريا

روسيا ورقة إيرانية… في سوريا

 العرب اليوم -

روسيا ورقة إيرانية… في سوريا

بقلم : خيرالله خيرالله

لم تنته الحرب في سوريا، كما يقول وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف. لم تنته الحرب لا في سوريا، ولا في غير سوريا، ما دامت هناك رغبة إيرانية في الاستمرار في مشروع توسّعي على كلّ المستويات وفي أنحاء مختلفة في المنطقة. يترافق هذا المشروع الإيراني مع رغبة إسرائيلية في استغلال ما تقوم به إيران إلى أبعد حدود، من أجل تكريس احتلالها لجزء من الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية.

هذه الحرب القائمة في سوريا منذ ثماني سنوات والتي تستهدف الشعب السوري بدأت ولكن بشكل جديد وهي تندرج، اليوم أكثر من أي وقت، في إطار سلسلة الحروب الدائرة في المنطقة. يشكّل الهجوم الذي تعرضت له منشأتان نفطيتان سعوديتان في بقيق وهجرة خريص خير دليل على حرب تشنها إيران عبر أدواتها على المملكة العربية السعودية. يؤكّد هذان الهجومان على معملين لشركة “أرامكو” وجود رغبة إيرانية في استخدام الحوثيين في تهديد دول الخليج العربي، على رأسها المملكة العربية السعودية، انطلاقا من اليمن. وهذا يفرض في طبيعة الحال البحث عن إستراتيجية خليجية جديدة في مواجهة الخطر الآتي من إيران، والذي تختزله القدرة على استخدام ميليشيات مذهبية في حروب تصب في عملية تقويض مقومات الاستقرار في المنطقة.

ليست لدى روسيا أي رؤية شاملة لما يدور في المنطقة تعمل روسيا بدورها على الطريقة الإيرانية، خصوصا في سوريا. حيث ليس ما يشير إلى أكثر من رغبة في مواجهة إيران من دون مواجهتها على أمل الاستفادة من وجودها في ابتزاز الولايات المتحدة.

نجحت روسيا إلى حدّ كبير في ابتزاز تركيا في سوريا. أثبت رجب طيب أردوغان أنّه سياسي فاشل لا يعرف ماذا يريد. يطلق شعارات، مثله مثل أي زعيم عربي من أولئك الذين جاؤوا إلى السلطة من صفوف الجيش في خمسينات وستينات وسبعينات وثمانينات القرن الماضي وراحوا يغطون القمع بالكلام الكبير من نوع تحرير فلسطين.

انتهت تركيا من بلد يريد إسقاط النظام السوري وتحرير الشعب من نظام أقلّوي، إلى بلد يريد ابتزاز دول أوروبا عن طريق التهديد بإرسال السوريين الموجودين لديه إليها!

كلْ ما في الأمر أن الأوضاع تزداد تعقيدا في المنطقة. ليس معروفا بعد هل ستقوم قيامة في يوم من الأيّام للعراق، حيث يحرص مقتدى الصدر على الاحتفال بذكرى عاشوراء في إيران إلى جانب الجنرال قاسم سليماني قائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري”. بدا الصدر الذي كان هناك رهان كبير على لعبه دورا في إظهار وجود نزعة استقلالية لدى شيعة العراق تجاه إيران بمثابة تلميذ نجيب في حضرة “المرشد” علي خامنئي.

أمّا في لبنان، فقد ذهبت إيران في تماديها على استقلال البلد وسيادته إلى مرحلة اللاعودة، ففي ذكرى عاشوراء، لم يجد حسن نصرالله، الأمين العام لـ”حزب الله”، ما يقوله غير الآتي “نحن هنا من لبنان نقول للعالم كلّه إن إمامنا وقائدنا وسيدنا وعزيزنا وحسيْننا في هذا الزمان هو سماحة آية الله العظمى الإمام السيّد علي الحسيني الخامنئي دام ظلّه، وأن الجمهورية الإسلامية في إيران هي قلب المحور وهي مركزه الأساسي وهي داعمه الأقوى، وهي عنوانه وعنفوانه وقوّته وحقيقته وجوهره”. مضيفا “نرفض أي مشروع حرب على الجمهورية الإسلامية في إيران لأن هذه الحرب ستشعل المنطقة وتدمّر دولا وشعوبا، ولأنّها ستكون حربا على كلّ محور المقاومة وتهدف إلى إسقاط آخر الآمال المعقودة لاستعادة فلسطين والمقدسات”.

صحيح أن هذا الكلام لم يَلْقَ الردّ الذي كان يجب أن يلقاه من كبار المسؤولين اللبنانيين، الذين يتحدثون عن السيادة اللبنانية بين حين وآخر، لكنّ الصحيح أيضا أنّه بات من الممكن التساؤل هل انضمت روسيا، التي تجاهلت هذا الكلام الإيراني عن لبنان، إلى ما يسمّى “محور المقاومة”؟

يمكن القول، ربّما، إنّ روسيا تريد الاستفادة من غياب الإستراتيجية الأميركية تجاه سوريا. ليس هناك ما يشير إلى رغبة في بلورة إستراتيجية أميركية خارج العقوبات على إيران التي تعاني اقتصاديا، ولكنّها تبدو مصرّة على تمرير هذه المرحلة، لعلّ دونالد ترامب يفشل في الحصول على ولاية ثانية في انتخابات خريف العام 2020. في حال حصول لقاء بين ترامب والرئيس الإيراني حسن روحاني على هامش دورة الجمعية العمومية للأمم المتحدة، سيندرج مثل هذا اللقاء في سياق سعي إيران لكسب الوقت ليس إلّا وتمرير المرحلة الراهنة، مرحلة العقوبات الأميركية.

من الواضح أن روسيا، التي تواجه وضعا داخليا غير مريح، عبرت عنه نتائج الانتخابات المحلية الأخيرة التي أظهر الشعب من خلالها رفضه لسياسات فلاديمير بوتين، لا تنوي التخلي عن ورقة إيران في سوريا. عندما يقول لافروف إن الحرب انتهت في هذا البلد، معنى ذلك أن إيران خرجت منتصرة. كيف يمكن أن تنتهي الحرب فيما تدلّ كلّ المؤشرات على أن الدولة المركزية انهارت كلّيا، وأن لا مكان في المناطق التي تحت سيطرتها سوى لميليشيات تابعة إمّا لإيران، وإمّا لروسيا أو لبعض “الشبيحة” الذين استطاعوا إيجاد موقع لهم في ظلّ الحرب.

ثمّة حاجة روسية إلى بعض التواضع والواقعية أكثر من أيّ شيء آخر. في غياب التواضع والواقعية، ليس أمام الكرملين سوى لعب دور الشريك في تغيير تركيبة سوريا، خصوصا على الصعيد الديموغرافي، إرضاء لرغبات إيران. هل يمكن لروسيا التي حالت دون خروج بشّار الأسد من دمشق في العام 2015 القبول بلعب دور التابع لإيران؟

هذا السؤال يطرح نفسه بحدّة هذه الأيّام، في وقت ليس معروفا كيف ستنتهي الصراعات القائمة داخل الحلقة الضيقة المحيطة ببشار الأسد، وهي صراعات تتميّز بلعبة شدّ حبال بين بشّار وابن خاله رامي مخلوف، وهي لعبة لا يبدو أن زوجة بشّار (أسماء) بعيدة عنها.

عندما يقول سيرجي لافروف إن الحرب انتهت في سوريا، يبدو معنى ذلك أن روسيا ما زالت تبحث عن دور في هذا البلد بعدما فشلت بتنفيذ وعدها للأميركيين والإسرائيليين في إبعاد الإيرانيين مسافة كافية عن الجولان. هذا الفشل هو بيت القصيد الذي يجعل موسكو تبحث عن دور سوري. في انتظار العثور على مثل هذا الدور، سيصعب عليها اكتشاف أنّ قتل المدنيين في إدلب لا يفيد في شيء ولا ينهي حربا. إنّه مساهمة في خدمة دور إيراني لا أفق له، لا لشيء سوى لأنّ إيران لا تستطيع الوقوف على رجليها اقتصاديا… تماما كما حصل مع الاتحاد السوفياتي الذي أراد بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية لعب دور لا يستطيع اقتصاده تحمل أعبائه على الصعيد العالمي…

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

روسيا ورقة إيرانية… في سوريا روسيا ورقة إيرانية… في سوريا



GMT 18:18 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الفرزدق وجرير وأبو تمام

GMT 13:36 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 17:58 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

ما في أنفسهم

GMT 17:56 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

لو فعلها بايدن!

GMT 17:53 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

ماذا وراء إعادة صياغة اتهامات ترمب؟

GMT 15:57 2020 الأحد ,02 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 10:58 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو الثلاثاء 6 أكتوبر/تشرين الأول 2020

GMT 17:28 2018 الجمعة ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

باهر المحمدي يضيف الهدف الثاني لمصر في شباك تونس

GMT 14:39 2020 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

أغراض و مستلزمات جهاز العروس بالتفصيل

GMT 16:20 2018 الثلاثاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

مصدر يؤكد اتفاق عمرو دياب مع "روتانا " من جديد

GMT 19:04 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

إصابة سائحة روسية وابنتها بـ"مرض النوم" في زنجبار
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24