الدهشتان
آخر تحديث GMT06:28:45
 العرب اليوم -

الدهشتان

الدهشتان

 العرب اليوم -

الدهشتان

سمير عطا الله
سمير عطا الله

قبل أن نودّع الحبر والورق ويختفي عصرهما من حياتنا، يحسن بنا أن نتذكّر أنّه كان العصر الأكثر أهمّية في التاريخ، على الأقلّ حتى اليوم. ويصرّ المؤرّخون على أنّ الألماني غوتنبرغ الذي اخترع الطباعة، هو أيضاً مَن غيّر وجه العالم. فقد نجحت ثورة مارتن لوثر على الكنيسة الكاثوليكية العام 1517 بسبب سرعة تلك الآلة في طبع أفكاره. وخلال 3 سنوات، كانت قد بيعت 300 ألف نسخة من مؤلَّفه الذي أدّى إلى انقسام الكنيسة الكاثوليكية وهزيمتها أمام الانشقاق الذي دعا إليه القسّ الألماني. بدأت الطباعة في الكتب الدينية وانتقلت إلى كلّ شيء آخر؛ الفكر، الفلسفة، نظريّات التآمر، الفكاهة، وصْفات الطبخ وما إليها.

حدث للطباعة يومها، ما حدث للإنترنت اليوم. فقد صار في إمكان المؤلِّف المزيّف أن ينشر كتابه مثل المؤلِّف الأصيل. وتفرّعت عن الطباعة صناعات كثيرة منها، على سبيل المثال، النظّارات الطبية التي تطوّرت إلى صناعة المناظير والتلسكوب الضخم، الذي من خلاله تغيّرت أيضاً النظرة إلى الكون. ونشرت الطباعة العلم والمعلومات، وفي الوقت نفسه، المعلومات المضلِّلة. وابتدأت معها ثقافة الشهرة والمشاهير، وعرفنا المزيد من الشعراء والكتّاب. ولولا الطباعة، لما قامت حركة التنوير. لكنّها في الوقت نفسه تتحمّل مسؤولية التحريض ونشر الفوضى وإثارة الحروب. وهي لم تقدّم الكلمة والكتاب فحسب بل سرعان ما أصبحت تقدّم الصورة والملصقات واللوحات. كلّ ذلك تقدّمه لنا الإنترنت اليوم، من دون حبر أو ورق أو ألوان. لكنّها تفعل ذلك بسرعة الضوء وترغمنا على عدم التمهّل أو التأمّل، وتنشر الأخبار السيّئة قبل الحسنة، وقد جعلت القرية الكونية، قرية ضوئية أيضاً. وهذا الاختراع العظيم هو أيضاً اختراع رهيب، يهدّد بزوال الكثير من الوظائف والأعمال وإلغاء الحياة الشخصية. ويقول المنشقّ الأميركي إدوارد سنودن إنّ الحياة الخاصّة انتهت إلى الأبد وتحوّل كلّ إنسان إلى «ملف» منذ ولادته. ولا نزال في أوّل الطريق. فالإنترنت التي كانت تصل في بداياتها إلى عشرين مليون شخص، تجمع الآن بين مليارات البشر وتقدّم لهم كلّ خدمة يحلمون بها.

عندما قال شكسبير إنّ أي لمسة من الطبيعة تحوّل العالم أجمعه إلى عائلة، لم يكن يخطر له بالتأكيد أنّ مدينة مثل ووهان وملايينها العشرة، سوف تفيق وتنام وتأكل وتشرب، من خلال ما يُسمّى تطبيقات في هذا العالم الرقمي العجيب. إنّها معركة غير متكافئة على الإطلاق بين عصر السيد غوتنبرغ وعصر الراحل ستيف جوبز. لقد بيع مؤخّراً أوّل كتاب طُبع بأدوات المخترع الألماني بـ22 مليون دولار. وربما هذا أقصى ما يمكن أن يحلم به، في هذا السباق المدهش.

 

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدهشتان الدهشتان



GMT 17:14 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

مئويتان

GMT 18:18 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الفرزدق وجرير وأبو تمام

GMT 13:36 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 17:58 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

ما في أنفسهم

GMT 16:12 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 09:13 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

أترك قلبك وعينك مفتوحين على الاحتمالات

GMT 10:45 2019 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

أنت مدعو إلى الهدوء لأن الحظ يعطيك فرصة جديدة

GMT 14:05 2020 السبت ,02 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 15:15 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

2- اجواء متقلبة في الجزء الأول من الشهر

GMT 16:00 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

وزراء المال الأوروبيون يناقشون موازنة إيطاليا

GMT 06:47 2019 الأربعاء ,17 تموز / يوليو

شعبة شركات الأمن والحراسة تشكيل لجان نوعية

GMT 09:10 2019 السبت ,09 آذار/ مارس

9 مارس 1919

GMT 09:57 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

التحالف الدولي يكشف عن عدد عناصر تنظيم "داعش" في هجين السورية

GMT 09:02 2018 الأربعاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

خُبراء يكشفون عن أفضل عُمر لتعلُّم وإتقان اللغات الأجنبية

GMT 06:24 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

راغب علامة يصور كليبًا جديدًا في مدينة كييف

GMT 20:30 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

"سوق السفر العالمي" ينطلق افتراضيًا في تشرين الثاني 2020

GMT 13:35 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تجنّب أيّ فوضى وبلبلة في محيطك
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24