عبر عوالم المسرح، ولجتْ أبواب الدراما التلفزيونية والسينمائية، فأثبتتْ ومنذ خطواتها الأولى في هذا المضمار، أنه وراء تلك الملامح الهادئة والرقيقة ممثلة شغوفة بعملها، ومتمكّنة من أدوات حرفتها بشكلٍ جيد، وقادرة على إعادة قولبة هيئتها خدمة لشخصية درامية تؤديها، كما فعلت في مسلسل (خاتون)، حينما آثرت التخلي عن شَعرِها تاج أنوثتها رغبةً منها في تقمص فضاءات تلك الشخصية باختلاف تواتر انفعالاتها، في خطوة حُسبت لها، وسُجلت كعلامة فارقة في سجل مشوارها الفني الذي ما زال يعد بالكثير. إنها الفنانة جيانا عنيد التي التقتها (تشرين) وكان معها الحوار التالي:
مقابلة مع السيّد آدم
* انتهى منذ مدة عرض مسلسل (مقابلة مع السيد آدم)، وقد لعبت فيه دور (عتاب) زوجة المحقق (ورد), كيف تصفين هذه الشخصية التي أثارت ردود أفعال متباينة بين الجمهور؟؟
عتاب مهندسة معمارية، وهي إنسانة ذات أصل طيب، وتنتمي لعائلة كريمة, أجبرتها الظروف التي باتت تلوح في أفق حياتها أن تتحول فيما بعد إلى شخصية متوترة، ومتقلبة المزاج, فهي تعاني من غياب زوجها المتكرر، وشبه الدائم عن المنزل، كما أنها أم لطفلة، وتنتظر طفلاً آخر، ويجب عليها التعامل مع هذه الأمور كلها، وسواها في ظل تكشّف خيوط الجريمة تباعاً، واندفاع بعض شخوصها إلى دخول منزلها حاملين بصحبتهم تفاصيل هذه الحادثة الجُرمية وتعقيداتها.
* وهل سيكون لعتاب حضور في الجزء الثاني من هذا المسلسل؟ وإن كان هل سنشهد تطوراً في الخط الدرامي لها؟
نعم، سيكون لشخصية عتاب حضور في الجزء الثاني من هذا العمل. وأما فيما يتعلق بتطور خطها الدرامي فهو سؤال ينبغي توجيهه لكاتب العمل، ومخرجه الأستاذ فادي سليم.
* كيف تعاملت مع دور الأم هنا، ولاسيما أنها المرة الأولى التي تلعبين فيها هذا الدور كما قلت في أحد لقاءاتك؟؟
لا أخفي سعادتي حقاً أني تصديت في هذا العمل للعب دور الأم للمرة الأولى، فقد كانت هذه الفرضية جديدة بالنسبة إلي، ولا تخلو من جمالها الخاص، ولكنها في الوقت نفسه لا تخلو من المسؤولية كذلك. فالشريك الذي كنت أتعامل معه هنا، هو شريك بعمر الطفولة، الأمر الذي ألزمني الذهاب إلى تفاصيله الخاصة، وقرأتها بتروٍّ.
عن الجرأة وأشياء اخرى
* قلت في أحد حواراتك: (أنا مع الجرأة في تقديم القضايا الدرامية، ومع التطور وتقديم الأفكار الجديدة). ما مستوى الجرأة الذي قد تصلين إليه خدمة لشخصية درامية تلعبينها؟؟
إن مستوى الجرأة الذي قد أصل إليه في أي عمل يتساوى والحد الذي تقتضيه الشخصية التي أقوم بأدائها. ولا أقصد بالجرأة هنا، الجرأة المتمثلة بالأفعال الفاحشة، أو اللباس الفاضح، فنحن في النهاية أبناء مجتمع شرقي له عاداته وتقاليده، كما أننا نزور الناس في منازلهم عبر شاشات تلفزيوناتهم، فينبغي علينا، والحال كذلك، أن نُحسن الزيارة، ونراعي عادات المُضيف, ولكنّ الجرأة التي قصدتها هي الجرأة التي تدور في فلك الشخصية الدرامية خدمة لها ولعوالمها.
ولا يفوتني هنا التذكير أننا لسنا في الدراما السورية اليوم في أفضل أوقاتنا سواء من جهة النصوصالمطروحة، أو الشخصيات التي تتناولها هذه النصوص؛ فالشخصيات الدرامية غدت في الآونة فقيرة بالتفاصيل، وفاقدة للخصوصية، الأمر الذي يحمّل الممثلين أعباءً إضافية تدفعهم إلى فتح الأبواب على الاحتمالات والخيارات بأنفسهم.
* وما الأفكار الجديدة التي ترين – كممثلة شابة في هذا المجال – أنه من الواجب على الدراما طرحها الآن؟؟
أظن أنه ينبغي على الدراما السورية اليوم الاستفادة من التجارب الدرامية التي كانت سائدة في فترة التسعينيات من القرن الماضي، ومطلع الألفية الجديدة، من حيث حياكة النصوص، وابتداع الأفكار، ثم العمل على معالجتها بحلول إخراجية وتقنية تتناسب والوقت الراهن.
ليلى السينمائية
* لعبت العديد من الأدوار السينمائية، ومنها دور (ليلى) في فيلم (طريق النحل), كيف تصفين تجربتك في العمل السينمائي بشكل عام؟؟
للسينما مكانة خاصة في قلبي لا تماثلها مكانة أي شيء آخر سواها؛ وتجربتي في السينما السورية تأتي من خلال ثلاثة أفلام، هي: فيلم (سُلّم إلى دمشق) للمخرج محمد ملص، وفيلم (وعد شرف) للمخرج باسل الخطيب، وفيلم (طريق النحل) للمخرج عبد اللطيف عبد الحميد الذي سُعدت بأن واتتني فرصة الوقوف بدور بطولة أمام كاميرته، فقد كانت تلك الفرصة مميزة جداً بالنسبة لي، إلى جانب ما أكنّه، على صعيد شخصي، من احترام وتقدير كبيرين للأستاذ عبد اللطيف عبد الحميد.
الشغف للانتماء الأول
* وكيف هي علاقتك مع المسرح، ولاسيما أن البداية كانت منه؟؟
له أشتاق، وإليه أنتمي؛ فمن المسرح كانت البداية، كما قلتِ، وله الشغف كان، فقد ألزمتُ نفسي به إلزاماً كاملاً منذ عرض مسرحية (تشيللو) عام 2008 التي نلت عنها جائزة أفضل ممثلة، وكانت هذه الجائزة هي ما أكسبني دفعاً معنوياً إضافياً حملني على إكمال دراستي الأكاديمية في المعهد العالي للفنون المسرحية، حيث قدمت على خشبته العديد من الشخصيات، وآخر الشخصيات المسرحية التي قدمتها كانت شخصية (جولييت) في مسرحية أخرجها الأستاذ عروة العربي للمسرح القومي، حملت عنوان (عن الحرب وأشياء أخرى)، وعُرضت في عام 2012 أي بعد تخرجي في المعهد بفترة وجيزة.
لاحقاً ابتعدت عن المسرح قليلاً رغبةً مني في توسيع خياراتي، والبحث عن تجارب أخرى في ميدانيّ الدراما التلفزيونية والسينمائية. ولكني أعتقد صراحة، أنه، وبشكل عام، لا ينبغي على الممثل الابتعاد عن المسرح كثيراً، فخشبة المسرح هي المكان الذي يصوغ فيه الممثل أدواته من جديد، ويعيد تركيبها مرة أخرى
* هل حصلت على الفرصة التي كرّست لها من وجهة نظرك أدواتك الفنية كاملة؟؟ أم إن كل عمل درامي خضته كان بالنسبة إليك مساحة لاستعمال هذه الأدوات؟؟
حاولت في كل عمل درامي شاركت فيه تقديم الشخصية التي أؤديها بشكل يتقاطع مع جيانا، وبنوعية أداء تناسب هذه الشخصية. فالمجنونة في مسلسل (الغربال)، بالنسبة إلي، لا تشبه المندفعة في مسلسل (دنيا)، وهي تختلف بالطبع عن الهادئة والبسيطة في مسلسل (حائرات)، ولا تماثل الساذجة في مسلسل (ما وراء الوجوه)، أو القوية في مسلسل (غفوة القلوب)، أو المزاجية مؤخراً في (مقابلة مع السيد آدم). إذاً، كل شخصية من هذه الشخصيات كانت تتجه في خط درامي يختلف وينأى عن الأخرى، وقد سعيت إلى تلمّس الملامح العامة التي تختص هذه الشخصيات بها في نقاط معينة. ولكني، ما زلت أبحث، حتى الآن، عن هذه الشخصية التي تمكنني من تقديم أدواتي كممثلة بطريقة مُرضية.
* خضت بعض التجارب الدرامية في عدد من أعمال البيئة الشامية, في رأيك هل أعطت هذه الأعمال المرأة حقها بعيداً عن قصص النميمة والوشاية التي أطّرتها ضمنها؟؟
كَثُرت الانتقادات التي وجهت إلى نصوص البيئة الشامية مؤخراً، ومن جهتي، أنا مع تشجيع وتطوير هذا النوع من الأعمال، لأن سورية هي البلد العربي الوحيد القادر على تقديم هذا المناخ. المشكلة هنا، في رأيي، لا تكمن في صناعة هذا النوع من الأعمال، أو في الحقبة الزمنية التي تتناولها، بقدر ما تكمن في طريقة طرح ومعالجة الشخصيات النسائية فيها.
* ماذا تحضّر جيانا عنيد للموسم الدرامي القادم؟؟ وهل ثمة كلمة ترغبين بإضافتها أخيراً ؟؟
قريباً سيتم استكمال تصوير ما تبقى من مشاهد الجزء الثاني من مسلسل (مقابلة مع السيد آدم)، كما أن هناك مشاريع أخرى هي قيد الدراسة حالياً.
قد يهمــــك أيضــــا:
النجمة السورية نورا العايق تتعرض للشتم بسبب جرأة فستانها
أرسل تعليقك