المرأة الموريتانية ومساحة بوحها التي لا تحمل بصمة خاصة
آخر تحديث GMT04:43:57
 العرب اليوم -

المرأة الموريتانية ومساحة بوحها التي لا تحمل بصمة خاصة

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - المرأة الموريتانية ومساحة بوحها التي لا تحمل بصمة خاصة

الشعر
القاهرة - سورية24

يبدأ الصوت الفتي هامسا مشحونا بالشجى، وشيئا فشيئا يمتلئ لوعة دفينة مع شحنة شجن لا يدرك أبعادها سوي صاحبتها  .. يا بالي صبرًا... إن مع العسر يسرًا.. إنه "التبراع".. شعر المرأة الموريتانية ومساحة بوحها التي لا تحمل بصمة خاصة، رغم صدق عاطفته وفرادته التي قل أن يوجد لها نظير. قصيدة في شطرين التبراع هو نمط شعري فريد في شطرين متحدين قافيةً ومختلفين وزنًا، كما يوضح الشاعر حماده ولد أحمدو ياسين مقدم برامج الأدب الحساني بالإذاعة الموريتانية الرسمية: "التبراع شعر تاتي فيه  المرأة بأجمل وأرق التعابير في (تافلويتين) إحداهما من (حثو الجراد) والأخرى من (البتيت التام) تحملان تعبيرا صادقا عن شعورها في أغلب الحالات.. ويعتقد كثير من الناس أن التبراع خاص بالغزل لكنه يتناول أكثر أغراض الأدب مثل التوحيد والمدح وحتى الهجاء".

وتحمل تبريعة واحدة  " من المعاني والأحاسيس والعاطفة والمشاعر والأفكار والروحانية ما لا تحمله قصيدة من ألف بيت" تقول الشاعرة الموريتانية الفرانكفونية عائشة بنت أحمدو متحدثة.. وتعدد بنت أحمدو من بين خصائص التبراع مع الحياء والصدق والوفاء  " أنه النمط الشعري الوحيد المسموح للنساء بتناوله وهو خاص بمنطقة انتشار الحسانية وبنسائها ويمتاز بطبيعته الفريدة التي هي الحياء والسرية... وعلى عكس الشعر عند الرجال فالمرأة تتوقف عن قول التبراع عندما تكبر في السن ولا تسمح لنفسها به وتتجاهل ما قالت منه في الماضي وحتى حكايته لا تناسبها"

شعر مجهول النسبة والتاريخ

من غير المعروف تاريخيا متى ظهر التبراع.. لكن يرجح الشيخ سيدي عبد الله أستاذ النقد ومستشار وزير الثقافة الموريتاني أن التبراع وجد إلى جانب الشعر الشعبي في القرن الثاني عشر الهجري. ويوضح سيدي عبد الله أن التبراع "ظهر نتيجة للكبت الذي كانت تعاني منه المرأة الموريتانية في مرحلة من تاريخ المجتمع لأنها كانت مغيبة عن نوادي الإبداع ولا يمكنها التعبير عن المشاعر لأن ذلك لايليق بالمرأة..  وهناك جدل قديم حول المساهمة الشعرية للنساء فقد أورد صاحب (الوسيط) قصة الشيخ سيديا الكبير مع الشاعرة مريم بنت بُلاَّ التي أرسلت له قصيدة تمدحه فيها فقال إن المرأة كلها عورة.. غير أن صاحب كتاب (الشقرويات) وهو قريب للشاعرة يروي أن الشيخ سيديا إنما قال ذلك زجرًا لتلامذته أن يتكلموا في المرأة لا استنكارا لقرضها الشعر".

ويخلص د. الشيخ إلى أن "هذا الإشكال أدى إلى ظهور هذا النوع من الأدب الذي تعبر فيه المرأة عن مشاعرها تجاه الرجل وهو أمر غير مألوف في مجتمع إسلامي محافظ كالمجتمع الموريتاني". وإذا كان التبراع موجودا منذ القديم فإنه ظل في نطاق المسكوت عنه، حيث كان في أول أمره خاصا بالفتيات، كما توضح عائشة بنت أحمدو، "يتداولنه حينما يجلسن لوحدهن على كثيب في مأمن من الرقيب، يبحن من خلاله للصديقات بمشاعرهن وجديد حياتهن العاطفية".. ويقول الباحث الحسن ولد محنض، وهو أول من قدم أطروحة حول التبراع في موريتانيا، متحدثا "إن التبراع ظل مجهول المصدر حتى الستينات من القرن العشرين حيث كان ينسب للأعصار (مجموعة أصدقاء من ذات الفئة العمرية) لا للأشخاص" وهذا ما يذهب إليه الشيخ سيدي عبد الله "ما يميز التبراع في موريتانيا أن صاحبته مجهولة..  لكن ومع الزمن وتطور الاتصال أصبحت بعضهن معروفات فيقال فلانة (براعة).. وهذا أفقد النص لذته كما يقولا رولان بارت".

تراجع في الأهمية أم تغير في الدور؟

يرى الباحث الحسن ولد محنض أن "الساحة الثقافية في موريتانيا تشهد تراجعا سواء في الشعر الفصيح أو الشعبي أو التبراع أو الموسيقى أوغيرها نتيجة أن المجتمع بلغ في مرحلة ماضية مستوى عال في هذه المجالات ومنذ فترة وهو يعيش على ذلك الرصيد". ويصف ما يوجد الآن من التبراع بأنه "مجرد اجترار للماضي" معتبرا أن "الوقت والاهتمام الآن استغرقتهما الوسائط الجديدة.. كما أن الدافع للتبراع انتفى وهو تلك الحالة العاطفية الخاصة التي أصبحت تجد بدائل متعددة للتعبير عنها". ويوضح الشاعر حماده ولد أحمدو ياسين أن "كثيرا من النساء تخلين عن التبراع كما تخلى الرجال عن الغزل العفيف.. ولعل مرد ذلك أن ما كان يعيشه الطرفان من حرمان من اللقاء وما ينتج عن ذلك من لوعة وشوق، لم يعد موجودا بسبب الواتساب والفيسبوك وغيرها من الوسائط التي جعلت الفراق هو المطلب بدلا من اللقاء". ورغم أن التبراع أصبح نمطا شعريا معترفا به في المجتمع الموريتاني ومنسوبا في كثير من الحالات لقائلته فلم يصل الأمر لظهور ديوان "براعة" أوتنظيم مسابقة أدبية في التبراع.. لكن المانع من ذلك انتفى ولم يبق منه إلا رهبة البداية الجديدة.

قد يهمــك أيضـــا: 

شيخة المطيري وأشرف جمعة يشدوان عذب القصائد في "الشارقة الدولي للكتاب"

اتحاد الكتاب يكرم مجموعة من الأدباء والشعراء والباحثين

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المرأة الموريتانية ومساحة بوحها التي لا تحمل بصمة خاصة المرأة الموريتانية ومساحة بوحها التي لا تحمل بصمة خاصة



GMT 15:57 2020 الأحد ,02 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 10:58 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو الثلاثاء 6 أكتوبر/تشرين الأول 2020

GMT 17:28 2018 الجمعة ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

باهر المحمدي يضيف الهدف الثاني لمصر في شباك تونس

GMT 14:39 2020 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

أغراض و مستلزمات جهاز العروس بالتفصيل

GMT 16:20 2018 الثلاثاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

مصدر يؤكد اتفاق عمرو دياب مع "روتانا " من جديد

GMT 19:04 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

إصابة سائحة روسية وابنتها بـ"مرض النوم" في زنجبار

GMT 07:05 2020 الإثنين ,08 حزيران / يونيو

٧ أخطاء تجنبي الوقوع فيها عند تجهيز منزل الزوجية

GMT 16:38 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

"جاموفوبيا" مجموعة قصصية جديدة لـ "محمد متبولي"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24